فصل: استيلاء خوارزم شاه على غزنة وأعمالها.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.خبر غياث الدين مع الذر وأيبك مولى أبيه.

لما ملك الذر غزنة وأسر علاء الدين وأخاه جلال الدين كتب إليه غياث الدين يأمره بالخطبة وطاول في ذلك فبعث إليه يستحثه بأمر الخطيب بالترحم على شهاب الدين والخطبة لنفسه فاستراب الأتراك به وبعث هو يشترط على غياث الدين العتق فأجابه إلى ذلك بعد توقف وكان عزمه على أن يصالح خوارزم شاه ويستمده على الذر فلما طلب العتق أعتقه وأعتق قطب الدين أيبك مملوك عمه شهاب الدين ونائبه ببلاد الهند وأرسل إلى كل منهما هدية ورد الخبر واستمر الذر على مراوغته وأيبك على طاعته فاستمد غياث الدين خوارزم شاه على الذر فأمده على أن يرد ابن حرميل صاحب هراة إلى طاعته وأن يقسم الغنيمة أثلاثا بينهما وبين العسكر وبلغ الخبر إلى الذر فسار إلى بكتاباد فملكها ثم إلى بست وأعمالها كذلك وقطع خطبة غياث الدين منها وأرسل إلى صاحب سجستان بقطع خطبة خوارزم شاه وإلى ابن حرميل كذلك ويتهددهما وأطلق جلال الدين صاحب باميان وزوجه بنته وبعث معه خمسة آلاف فارس مع إيدكين مملوك شهاب الدين ليعيدوا جلال الدين إلى ملكه بباميان وينزلوا ابن عمه فلما سار معه إيدكين أغراه بالعود إلى غزنة وأعلمه أن الأتراك مجمعون على خلاف الذر فلم يجبه جلال الدين إلى ذلك فرجع عنه إيدكين إلى إقطاعه بكابل ولقيه رسول من قطب الدين أيبك إلى الذر يتهدده على عصيانه على غياث الدين ويأمره بالخطبة له ووصل معه الهدايا والألطاف إلى غياث الدين وأشار عليه أيبك بإجابة خوارزم إلى جميع ما طلب حتى يفرغ من أمر غزنة وكتب إلى أيبك يستأذنه في المسير إلى غزنة ومحاربة الذر فأذن له بمحاربته ووصل إيدكين في رجب سنة ثلاث وستمائة وخطب لغياث الدين بغزنة وامتنعت عليه القلعة فنهب البلد ووصل الخبر إلى الذر بشأن ايدكين في غزنة ومراسلة أيبك له ففت ذلك في عضده وخطب لغياث الدين في بكتاباد وأسقط اسمه ورحل إلى غزنة فرحل ايدكين عنها إلى بلد الغور وأقام في تمواز وكتب إلى غياث الدين بالخبر وأنفذ إليه أموالا فبعث إليه غياث الدين بالخلع وأعتقه وخاطبه بملك الأمراء وسار غياث الدين إلى بست وأعمالها فاستردها وأحسن إلى أهلها وأقام الذر بغزنة.

.مقتل ابن حرميل واستيلاء خوارزم شاه على هراة.

كان ابن حرميل كما قدمناه استدعى عسكر خوارزم شاه إلى هراة وأنزلهم معه بهراة فساء أمرهم في الناس وكثر عيثهم فحبسهم وبعث إلى خوارزم شاه بصنيعهم ويعدده وكان مشتغلا بقتال الخطا فكتب إليه يحسن فعله ويستدعي الجند الذين حبسهم وبعث إلى عز الدين خلدك أن يحتال في القبض على ابن حرميل فسار في ألفي فارس وكان خلدك أيام السلطان سنجر واليا على هراة فلما قدم خرج ابن حرميل لتلقيه فنزل كل واحد منهما إلى صاحبه وأمر خلدك أصحابه بالقبض على ابن حرميل فقبضوا عليه وانفض عنه أصحابه إلى المدينة فأمر الوزير خواجه الصاحب بغلق الأبواب والاستعداد للحصار ونادى بشعار غياث الدين محمود فحاصره خلدك وبذل له الأمان وتهدده بقتل ابن حرميل وخاطبه بذلك ابن حرميل ففعل وكتب بالخبر إلى خوارزم شاه فبعث ولاته بخراسان يأمرهم بحصار هراة فسار في عشرة آلاف وامتنعت هراة عليهم وكان ابن حرميل قد حصنها بأربعة أسوار محكمة وخندق وشحنها بالميرة وصار يعدهم إلى حضور خوارزم شاه وأسروه أياما حتى فادى نفسه ورجع إلى خوارزم كما يذكر في أخبار دولته وأرجف بموته في خراسان فطمع أخوه علي في طبرستان وكزلك خا في نيسابور إلى الاستبداد بالملك فلما وصل خوارزم شاه هرب أخوه علي شاه ولحق بشهاب الدين في بيروزكوه فتلقاه وأكرمه وسار خوارزم شاه إلى نيسابور وأصلح أمرها واستعمل عليها وسار إلى هراة وعسكره على حصارها وقيل للوزير قد وصل خوارزم شاه لما وعدته وتحدث في ذلك جماعة من أهل البلد فقبض عليهم ووقعت بذلك هيعة وشعر بها خوارزم شاه فزحف إلى السور وخرب برجين منه ودخل البلد فملكه وقتل الوزير وولى على هراة من قبله وذلك سنة خمس وستمائة ورجع إلى قتال الخطا.

.مقتل غياث الدين محمود.

لما ملك خوارزم شاه مدينة هراة وولى عليها خاله أمير ملك وأمره أن يسير إلى بيروزكوه ويقبض على صاحبها غياث الدين محمود بن غياث الدين الغوري وعلى أخيه علي شاه بن خوارزم شاه فسار أمير ملك واستأمن له محمود فأمنه وخرج إليه هو وعلي شاه فقبض عليهما أمير ملك وقتلهما ودخل بيروزكوه سنة خمس وستمائة وصارت خراسان كلها لخوارزم شاه.

.استيلاء خوارزم شاه على غزنة وأعمالها.

ولما استولى خوارزم شاه على عامة خراسان وملك باميان وغيرها أرسل إلى تاج الدين الذر صاحب غزنة في الخطبة والسكة وأن يقرر الصلح على غزنة بذلك فشاور أهل دولته وفيهم قطلوتكين من موالي شهاب الدين وهو النائب عن الذر بغزنة فأشار عليه بطاعته وأعاد الرسول بالإجابة وخطب له وسار عن غزنة متصديا وبعث قطلوتكين إلى خوارزم شاه سرا أن يبعث إليه من يسلمه غزنة فجاء بنفسه وملك غزنة وهرب الذر إلى لهاور ثم أحضر خوارزم شاه قطلوتكين وقتله بعد أن استصفاه وحصل منه على أموال جمة وولى على غزنة ابنه جلال الدين وذلك سنة ثلاث عشرة وستمائة ورجع إلى بلده.